الجهوية المتقدمة بالصحراء ضرورة ملحة لتجاوز نظام الإمتيازات وخلق أقطاب اقتصادية تنافسية

18

أبرز المتدخلون خلال الندوة التي نظمت مؤخرا بقاعة الوسائط المتعدد بمدينة المرسى العيون، تحت شعار النموذج التنموي الرهانات والأفاق، على أن الجهوية المتقدمة بالأقاليم الجنوبية، أضحت ضرورة أنية لتفعيل آليات الحكم الذاتي بالصحراء، من خلال نقل الصلاحيات من المركز إلى الجماعات الترابية وتدبير  الفاعل المحلي للشأن العام، في أفق خلق أقطاب تنافسية بالمنطقة ووضع إطار اقتصادي أكثر نجاعة.

واعتبر المتدخلون، أن النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية، يجد سنده في دعم المكتسبات،  مع إدخال عدد من أشكال القطيعة والعمل على تجاوز الحكامة الممركزة والمرتكزة على الهاجس الأمني، وتشجيع حكامة القرب القائمة على احترام دولة القانون ، كما يتعين في المقام الثاني الإنتقال من اقتصاد الريع الذي يقوم على الأنشطة الأولية والامتيازات، إلى نظام يخلق الشروط الضرورية للمبادرات الخاصة وتشجيع الشفافية وقواعد المنافسة.

وأوضح المتدخلون، أن الجهوية المتقدمة لاتقتضي نقل الصلاحيات من الدولة إلى الجماعات المحلية فقط، بل أن الأمر يتعلق ببنية الدولة ككل حيث تقسيم السلطة بين المركز إلى الإدارة الترابية، أي تقليص صلاحيات القطاعات الوزارية والبرلمان إلى الجهات، وهو ما يفرض بالضرورة على الجميع التفكير في إصلاح هيكلي لبنية الدولة تشارك فيه كل الأطياف السياسية والإقتصادية والاجتماعية والفاعلين الجمعويين.

وتطرق الأستاذة المحاضرون، إلى مجمل الإشكالات المرتبطة بتنزيل الجهوية المتقدمة ومن خلالها الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية، خاصة  ما تعلق منها بطريقة توفير الموارد المالية والكفاءات البشرية وكذا مدى سلاسة النصوص التطبيقية المؤطرة للجهوية، في تناغم مع التعديلات التي طالت دستور 2011 وكذا رفع سقف الصلاحيات الممنوحة والتي جسدتها الخطب الملكية الخاصة بالجهوية الموسعة بشكل تدريجي في خطابات العرش.

واعتبرت المداخلات أن النموذج التنموي بشكله الحالي في الأقاليم الجنوبية التي تخضع لسيادة لدولة المغربية الموحدة، لا يرقى إلى التطلع المنشود في أقصى تجلياته، وذلك راجع إلى اختلال ميزان الصلاحيات الممنوحة للسلطات العمومية ونظيرتها الممنوحة للهيئات المنتخبة، مما يفرض نوعا من التبعية إلى سلطة المركز حتى في اتخاد بعض القرارات البسيطة لدى بعض الإدارات، مما يحد من طموحات الفاعليين المحليين في تحقيق التنمية المنشودة، وهو ما يفرض على صانعي القرار العمل على تنزيل الجهوية المتقدمة في شكلها المتطور، لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.

وأشار المتدخلون، أن تفعيل الجهوية المتقدمة، رهين بمدى وجود نخب قوية لها وزن اعتباري، غير مقيدة بقرارات سلطة المركز، تعمل داخل نطاق إداري ومالي مستقل، قادرة على بلورة  جهوية حقيقية وتنزيلها على أرض الواقع من خلال رسم السياسة العمومية  وصناعة المشاريع الكبرى  بالمنطقة، ومؤطرة بترسانة القوانين التنظيمية الصادرة في هذا المجال.

سعيد بلقاس

 

التعليقات مغلقة.