مشروع قانون22.20 : وجهة نظر مختلفة من زاوية متخصصة / بقلم أنس الحيمر ـ طالب باحث بجامعة محمد الخامس

46

ملحوظة: سمحت “العيون ـ بريس” لنفسها بعنونة الموضوع

صباح يومه 28 أبريل 2020،
خلال تجوال فايسبوكي، وجدت أن هناك رأي عام متشكل رافض لمشروع قانون سبق أن أعلن عن المصادقة عليه في المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 19 مارس 2020 أي قبل أزيد من شهر وكما جاء في بيان عن اجتماع مجلس الحكومة، المنشور في موقع الأمانة العامة للحكومة : (وقد تمت المصادقة على هذا المشروع مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة في شأنه والتي سيتم دراستها من قبل اللجنة التقنية ثم اللجنة الوزارية المشكلتين لهذا الغرض)، ولعل هذه الدراسة هي ما يفسر عدم تحويله على البرلمان، وحتى غياب المسودة من بوابة مشاريع النصوص الموزعة على أعضاء الحكومة في نفس الموقع أو لعله يساق كورونا هو السبب لأنه حسب ذات الموقع لا يوجد ولا نص بعد 19 مارس إلا ما له علاقة بتدبير الأزمة أو الواردات الغذائية،
وأدركت ان هذا الرأي المتشكل جاء تفاعلا مع منشور لأحد الأشخاص (المؤثرين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي)، الذي نشر مقتطفا مما يقول هو أنه نص القانون والذي وصله أو طاح عليه كما قال هو -أو سرب اليه-قبل ان يصل الى البرلمان،
لا علينا من هذا كله،
ما أستغرب له حقا هو أن يثار هذا النقاش كله وأن تصدر مواقف قاطعة بناءا على ما سرب فإن افترضنا أن ما نقله صحيح -ببساطة لأنه ليس هناك مصدر حقيقي يمكن أن يعزى له النص، وأنا أجد مضاضة في تناول مشروع قانون بناءا على تدوينة مدون- ذلك أني أعتبر أن الحكم ينبغي أن يصدر عنا بعد قراءتنا للقانون مجملا، لا منقوصا، فالذي له نوع من الاحتكاك بالقانون سيعلم انه من غير المفيد ولا السليم، أن تحكم على بعض مواد القانون، والمبتورة من سياقها العام، بل وتحاجج عن حكمك هذا فعلى الأقل هذا القانون يتضمن 18 مادة أو أكثر، نعلم منها 3 مواد وهي حسب ما اختاره لنا الناقل 14 و15 و18،
وهكذا نكون بصدد تناول كل مجهول من خلال جزء معلوم، من مصدر غير رسمي، وفي سياق مخفي لحد الساعة، في توقيت مبكر بإحسان ظن، فهذه عاصفة لكن في فنجان وكما نقول في دارجتنا: (أجي نقول ليك، ما قلت ليك شاي)،
=============
طيب إذا تناسينا كل هذه الأمور وسقطنا مع الساقطين في هذا الفنجان العاصف وأردنا ان نقرأها ونحللها لنرى معقوليتها من عدمها،

المادة 14:

وأنا أتصور أنها الأكثر إثارة للضجيج، لارتباطها بسياق معين عرفته بلادنا في مرحلة معينة، أعتقد بأننا مطالبون أن نعيد قراءتها من جديد كموضوع ينبغي أن يفهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من جهة، وبأن نجرد المادة القانونية عن هذه المرحلة وعن رموز هذه المرحلة من السياسيين -الذين لا يمكن أن اتهم بمحاباتهم على كل حال-ونقرأها من جهة ثانية،

وأعتقد أنه لا يتناطح عنزان في أن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم هي من أيسر طرق التأثير في الرأي العام، وأكثرها فعالية، وأن العالم عامة، وعالمنا العربي خاصة خلال السنوات السابقة قد ظهرت فيه دلائل ملموسة عن ان هذه الوسائل التواصلية يمكن ان تتحول إلى أدوات استخباراتية للتأثير، مثال ما تفجر بعد أزمة الخليج من الطرفين (قطر ومخالفيها)، وما تكشف أيضا في إطار مساندة الرئيس المصري بعيد الانتخابات الرئاسية فهذه مقدمة أولى.

ومن المعروف أن الاقتصاد خاصة في ابعاده الرأسمالية المتوحشة لا يعرف ممنوعا، ولا يقر بأخلاق أبدا، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن نجد من تسول له نفسه أن يستخدم طرقا وقحة في تدافعه مع منافسيه الاقتصادية، معتمدا على وسائل وأدوات مختلفة، وخصوصا الأدوات الميسرة والفعالة، هذا عندما يكون الاقتصادي مستقل عن السياسي، فما بالك والأمر عندنا أنهما متداخلان حتى التماهي، هذا من جهة ومن جهة أخرى ليس خافيا أن المؤثرون في هذه الوسائل و الوسائط بعضهم لهم أسعار يتداولون بها، ويستغرق الأمر مدة ليعرف حقيقتهم، والشواهد قائمة على ذلك، وهذه مقدمة ثانية.

طيب، أليس ممكنا إذنا ان تكون هناك دعوات موجهة من بعض الجهات الاقتصادية المنافسة، أو السياسية الخصمة، لاستهداف منتج معين، في إطار تصفية حسابات معينة، تستخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤثرين من خلالها؟ بلى ممكن وبشدة،

طيب، أليس من شأن هذا الاستخدام أن يهدد الاقتصاد الوطني واستقراره، وفي الاقتصاد المستهلك مهم والمنتج أيضا مهم؟ اليس من شأنه أن يهز صورة السوق المغربي؟ وأن يسبب تخوف الرساميل الوطنية والأجنبية على حد سواء؟

طيب، سؤال بقراءتنا للمادة هل تعتقدون أني إذا قمت بالكتابة على حائطي الفايسبوكي لن أشتري بعد اليوم المنتج x، أو أنا لا أجد راحتي في استخدام المنتج y، أو خدمة الشركة الفلانية سيئة لم ترضيني، أو سلوك الشركة العلانية غير مقبول من قبلي، هل أكون مخاطبا بنص هذه المادة؟

المادة 15:

أقول بأنه كان من الممكن أن أرفضها بشكل قاطع لولا أني قد حضر في ذهني وأنا أقرأها التجربة اليونانية، في الأزمة الاقتصادية 2010، وكيف تداعى الناس ملبين لدعوات لسحب أموالهم من الأبناك، فأفلس بعضها على ما أذكر وعجز البعض الآخر، فتفاقمت مشاكل اليونان، إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه، وأيضا ما وقع في لبنان مؤخرا منذ أقل من شهر، يزيد أو ينقص، بعد الدعوة لسحب الأموال من الأبناك احتجاجا على موقف المصارف من أمور متصلة بسعر الصرف في لبنان، وكيف كانت الكارثة قريبة…

وأنا أعلم أن من درس الاقتصاد لسنوات، أو حتى سنة واحدة فإنها تكفي لكي يفهم ان النظام الاقتصادي الحالي، يعتمد في دورته بشكل كبير جدا على مسألة الإيداعات البنكية، وبالتالي فإن مسألة تعمد إفراغ الأبناك من الإيداعات، هي في الواقع استهداف مباشر وصريح للاقتصاد أية كانت الشكليات الأخرى، فليس هناك أسهل من إنتاج الحجج.

المادة 18:

بمفهوم المخالفة، إن رفضنا هذه المادة فنحن نقول إذن:
لا يعاقب … من قام عمدا عبر … بنشر أو ترويج محتوى الكتروني يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا وخطرا على الصحة العامة والأمن البيئي،

ويمكن أن نعيد صياغة نفس الفكرة كالتالي:
ليس مذنبا من تعمد أن ينشر ويروج أخبارا زائفة تشكك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع، وتقدمها على أنها تهديد وخطر على الصحة العامة والأمن البيئي،

أي أنه:
يمكن لكل مواطن أن ينشر ويروج أخبارا زائفة عمدا يشكك من خلالها في جودة وسلامة منتج أو بضاعة، وأن يقدمها على أنها تهديد وخطر على الصحة العامة والأمن البيئي، دون أي حرج قانوني،

وأنا عاجز عن مناقشة أي شخص يرى الفكرة السابقة عادية لا خطر فيها ولا بأس بها، فأنا لم أتقن بعد منطق اللامنطق،
ومجددا قولي بأن المنتج (أ) جودته ضعيفة أو لم تناسبني أو لم ترضيني ليس له نفس معنى أن المنتج (أ) يضر بالصحة، ويخرب البيئة، فالقول بأن شامبو معين يسبب لي القشرة ليس مثل قولي أنه يسبب سرطان الجلد مثلا دون بينة،
================
وفي الأخير لابد من أن نشير إلى أن هذه المقتطفات إن صحت، فهي غير ذات معنى مالم تقرأ ككل، في سياق القانون كله من أوله إلى آخره، وفي إطار نظرة شاملة لهذا القانون وباستحضار قانون حماية المستهلك، وأدوار جمعيات حماية المستهلك، والأحكام الخاصة بالقذف والتشهير …

 

التعليقات مغلقة.