ما بعد الجائحة : مبادئ أخرى تصاغ وسقف الحلم ممكن / العيون / لوشاعة إهراني: الكاتب الجهوي للتحالف المدني لحقوق الانسان
من مبادئ الفكر:” التطور الكمي يؤدي إلى الطفرة النوعية “. وإن فكرا يؤمن بهذا المبدإ، لا يمكنه إلا أن يطرح السؤال حول ما تراكمه الإنسانية اليوم من سلوك يتخطى الحدود ليجابه العدو المشترك كي تستمر البشرية، وداخله ، حول ما يراكمه المجتمع المغربي، في هذا السياق. وإلى أية تراكمات يجب أن ينضاف؟ وألا يشكل هذا السلوك، الذي، نراكمه اليوم، طفرة نوعية، في اتجاه تغيير قد يشمل المجتمع والدولة على حد سواء؟ وفي اتجاه نظرتنا لبعض المفاهيم الأساسية في مجال حقوق الإنسان والمواطنة؟ وفي اتجاه تغيير تمثلاتنا حول بعض المفاهيم الفلسفية المرتبطة بالقيم وبالسياسة؟.
يجتمع المغاربة اليوم بتأطير تلقائي ، يبدع في أشكال الخطاب والتمظهر، والعلاقة سلطة / مواطن و مواطن / مواطن في وحدة متكاملة بين كافة طبقات المجتمع الاقتصادية والسياسية و بين الدولة والمواطنين، مما يعيد إلى أذهاننا سؤالا يظل يراودنا : لماذا ارتبطت الثورة لدى المغاربة بالملك والشعب، كلحمة واحدة، منذ ثورة 1953 ؟ هل الثورة تحمل ، دائما ، مفهوم النقيضين؟ ألا يعتبر سلوكنا اليوم ثورة على الذات والقيم؟ وإلى أي صنف من الثورات تنضاف ثورة اليوم؟.
كثيرة هي الأقلام التي أسالت المداد لتتحدث عن الربيع العربي، وعن الاستثناء المغربي، وعن نجاح أو فشل 20 فبراير. ولكن الخلاصات الفكرية الواقعية تؤمن بأن التغيير لا يحدث فجأة، إنه نتاج تراكمات، وإنه يحدث مثل نمو نبتة لا يدركه من يسقيها كل حين. وإن تطور المجتمعات لا يحدث بالقطائع، ولم تنجح تجربة قامت على هذا الأساس. وإن الطفرات النوعية مجرد لحظات في مسار التطور.
وإن ما نعيشه اليوم، في زمن المجتمع المغربي، ينضاف إلى مسلسل من التراكمات ، نسجل من ضمنها ” السكتة القلبية ” على حد تعبير جلالة الملك الحسن الثاني ،، وبعدها التعاقد الملحمي الذي تمظهر في العفو الشامل عن المعتقلين السياسيين وعودة المغتربين، كما تمظر في تعيين هيئة الانصاف والمصالحة وفي إنجازاتها، كما تجسد في حكومة التناوب والتغييرات الدستورية وصولا إلى مطالب 20 فبراير ودستور 2011 ، دون أن نغفل ما تحقق من تراكم ـ ولو بنسب ضعيفة ـ في مجالات أخرى..
ومع ما شاب هذه التراكمات من تعطيل للزمن السياسي المغربي على فترات تراجع السياسي لفائد التقنوقراطي في حكومة السيد جطو، وتعثر في هيكلة الحكومة الحالية وتغييرات للحقائب الوزارية وعدم انسجام وسوء تدبير في العديد من الأزمنة والحالات، فإن الطفرة النوعية التي يحققها المجتمع المغربي اليوم تتمظهر، في الأساس ، في ارتفاع منسوب الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة الملكية التي تضيف اليوم لسجلها الذهبي أشكال التعبير الجامح للعمق الوجداني للمغاربة تجاه ملوكهم، كما تتمظهر في عودة قيم أصيلة لتستعيد مكانتها أسريا ومجتمعيا،و تتمظهر بالأساس في انكماش السياسة وبعض الفن ومواضيع الثقافة. هذه المكونات التي قد تواتيها فرصة الحجر للتأمل أكثر في ما بعد الجائحة:” مبادئ تصاغ وسقف الحلم ممكن”.
التعليقات مغلقة.