الهرواشي.. مدافع ضحايا “المسيرة الكحلة” يمضي بأماني موؤودة

59

راحلا عن دنيا الناس، دون إنصاف انتظره لسنوات طويلة، توفي نهاية الأسبوع الماضي محمد الهرواشي، رئيس جمعية المغاربة ضحايا الترحيل التعسفي من الجزائر، المدافعة عن المتضررين من “المسيرة الكحلة” التي جرت أطوارها سنة 1975.

و”المسيرة الكحلة” هي ذكرى أليمة لكافة المغاربة المقيمين بالجزائر، سبعينيات القرن الماضي، بعد أن أقدمت السلطات على تهجيرهم ليلة عيد الأضحى، احتجاجا على دخول المغرب إلى أراضي الصحراء، وإعلانه السيادة عليها؛ فيما اختارت الجارة الشرقية دعم البوليساريو.

وانطلقت فكرة تأسيس الجمعية بمبادرة من الفقيد محمد الهرواشي في 23 ماي 2005، إذ تولدت لديه بعد نقاش رفقة مجموعة من الأصدقاء حول مقال نشر في جريدة الشرق الأوسط، تطرق لعزم يهود الجزائر الذين يعيشون في فرنسا وأمريكا وإسرائيل على مطالبة السلطات الجزائرية بأداء مبلغ 50 مليون دولار كتعويض على ممتلكاتهم التي تركوها في البلاد غداة الاستقلال.

وأورد المقال ذاته أن السلطات الجزائرية ردت في مناسبات سابقة بأن يهود الجزائر غادروا البلاد طوعا ولم يجبرهم أحد على قرار المغادرة؛ وحينها استحضر الفقيد قضية المغاربة الذين تم ترحيلهم إلى المغرب قسرا سنة 1975.

شكيب الخياري، فاعل حقوقي وأحد أصدقاء الراحل، يقول إن الهرواشي راسل العديد من الجهات المعنية، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، منذ تأسيس الجمعية، إذ سبق أن راسل وزارة الخارجية ومجموعة من الفرق البرلمانية، إلى أن تبنت الدولة خطوة هامة في الملف.

وأضاف الخياري أن وزارة الخارجية المغربية سبق أن أكدت أن الموضوع طرح على الجزائر رسميا، وأن لجنة أحدثت خصيصا لدراسته، مؤكدة أن هذه الآلية تم تجميدها بسبب المناخ السياسي للعلاقات الثنائية.

كما راسل الراحل في الإطار ذاته الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة السابق، بان كيمون، وسلم للفريق العامل على الاختفاء القسري بعض الملفات المتعلقة بمغاربة مختفين قسرا في الجزائر منذ تلك الفترة، يسرد المتحدث ذاته، ضمن تصريح لجريدة هسبريس.

وترافعت الجمعية التي ترأسها الفقيد في لقاءات المجتمع المدني المنظمة على هامش دورات لجان الأمم المتحدة حول موضوع المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر سنوات 2015 و2016 و2018، وأبرزت خلالها الانتهاكات التي تعرضوا لها.

ولم يقتصر نضال الهرواشي على إبراز القضية سياسيا وحقوقيا، يسجل الخياري، وإنما حتى على المستوى الفني، فقد أقدم على نفض الغبار عن أول فلم مغربي خاص بالقضية، وهو “مأساة الأربعين ألف” لأحمد قاسم، الذي أنتج سنة 1983.

وكان من ضمن طاقم الفيلم الفني الفقيد عبد العظيم الشناوي. وبعد الدينامية النضالية التي قادها الفقيد إلى جانب جمعيات أخرى أخذ المغاربة في الاهتمام بالموضوع سينيمائيا، إذ أنتج فلم “الوشاح الأحمر” لمحمد يونس والجيلالي فرحاتي سنة 2015 و”بلا موطن” لنرجس الرغاي سنة 2018، يضيف الخياري.

ويمضي الحقوقي المغربي خاتما: “الفقيد الهرواشي لم يقتصر على موضوع الترحيل فقط، لكنه أبرز كذلك ما سميت ‘مذبحة السبخة’، حيث تم قتل ودفن مغاربة سنوات 1962 و1963 و1968، وسلم بشأنها رسالة إلى هيئة الأمم المتحدة بمقرها بالرباط باعتبارها جريمة ضد الإنسانية”. عن هيسبريس

 

التعليقات مغلقة.